فصل: التفسير المأثور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.من فوائد الشعراوي في الآية:

قال رحمه الله:
{فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (36)}.
بعد أن أسكن الله سبحانه وتعالى آدم وزوجه في الجنة. وأخبرهما بما هو حلال وما هو حرام. بدأ الشيطان مهمته. مهمة عداوته الرهيبة لآدم وذريته. والحق سبحانه يقول: {فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ} أي أن الشيطان باشر مهمته فأوقعهما في الزلة. وهي العثرة أو الكبوة. كيف حدث ذلك والله تعالى قد نصح آدم وزوجه ألا يتبعا الشيطان. وأبلغه أنه عدو لهما. في قوله تعالى: {إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى} [طه: 117].
إذن فالعداوة معلنة ومسبقة. ولنفرض أنها غير معلنة. ألم يشهد آدم الموقف الذي عصى فيه إبليس أمر الله ولم يسجد لآدم؟ ألم يعرف مدى تكبر إبليس عليه. في قوله: {أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ} وقوله: {أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا} كل هذا كان ينبغي أن ينبه آدم إلى أن إبليس لن يأتي له بخير أبدا.
والحق سبحانه وتعالى لم يكتف بالدلالات الطبيعية التي نشأت عن موقف إبليس في رفضه السجود. بل أخبر آدم أن الشيطان عدو له ولزوجه.. يقول الحق سبحانه وتعالى: {فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ} من ماذا أخرجهما؟ من العيش الرغيد. واسع النعمة في الجنة. ومن الهدوء والاطمئنان في أن رزقهما يأتيهما بلا تعب. ولذلك سيأتي الحق في آية أخرى ويقول: {فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى}.
وهنا لابد أن نتساءل: لماذا لم يقل فتشقيا؟
إن هذه لفتة من الحق سبحانه وتعالى.. إلى مهمة المرأة ومهمة الرجل في الحياة. فمهمة المرأة أن تكون سكنا لزوجها عندما يعود إلى بيته. تذهب تعبه وشقاءه. أما مهمة الرجل فهي العمل حتى يوفر الطعام والمسكن لزوجته وأولاده. والعمل تعب وحركة.
وهكذا لفتنا الحق تبارك وتعالى إلى أن مهمة الرجل أن يكدح ويشقى. ثم يأتي إلى أهله فتكون السكينة والراحة والاطمئنان.
إذا كانت هذه هي الحقيقة. فلماذا يأتي العالم ليغير هذا النظام؟
نقول إن العالم هو الذي يتعب نفسه. ويتعب الدنيا. فعمل المرأة شقاء لها. فمهمتها هي البيت. وليس عندها وقت لأي شيء آخر. فإذا عملت فذلك على حساب أولادها وبيتها وزوجها.. ومن هنا ينشأ الشقاء في المجتمع. فيضيع الأولاد. ويهرب الزوج إلى مكان فيه امرأة تعطيه السكن الذي يحتاج إليه. وينتهي المجتمع إلى فوضى.
وكان يجب على آدم أن يتنبه إلى أن إبليس يعتبره السبب في طرده من رحمة الله. فلا يقبل منه نصيحة ولا كلاما ويحتاط.. كيف أزل الشيطان آدم وزوجه؟ لقد شرح الله سبحانه وتعالى لنا هذا ولكن ليس في سورة البقرة وإنما في آية أخرى.. فقال تعالى: {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَاذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ} [الأعراف: 20].
إذن فإبليس قال كاذبا أن من يأكل من هذه الشجرة يصبح ملكا. ويصبح خالدا لا يموت.. ووسوسة الشيطان تتم بكلام كاذب لتزيين المعصية، والشيطان لا يهمه أي معصية ارتكبت. وإنما يريدك عاصيا على أي وجه. ولكن النفس عندما توسوس لك بالمعصية، تريد شيئا بذاته. وهذا هو الفرق بين وسوسة الشيطان. ووسوسة النفس. فالشيطان يريدك عاصيا بأي ذنب. فإن امتنعت في ناحية أتاك من ناحية أخرى. فقد قال لآدم: {هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى} ولكن هذه المحاولة لم تفلح. فقال لهما: {مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَاذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ} وفات على آدم أنه لو كان هذا صحيحا.. لأكل إبليس من الشجرة.. ولم يطلب من الحق سبحانه وتعالى أن يمهله إلى يوم الدين.
ما الذي اسقط آدم في المعصية؟ إنها الغفلة أو النسيان. والحق سبحانه وتعالى يقول: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَم مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا} [طه: 115].
وهل النسيان معصية. حتى يقول الحق سبحانه وتعالى: {وَعَصَى آدَم رَبَّهُ فَغَوَى} [طه: 121].
نعم النسيان كان معصية في الأمم السابقة. لذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه».
ونسي وعصى. تؤدي معنى واحدا.
وقوله تعالى: {قَالَ اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} [الأعراف: 24].
هذا الهبوط هو بداية نزول الإنسان إلى الأرض ليباشر مهمته في الدنيا. ومادام الحق سبحانه وتعالى قال: {وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ}. فهي إذن حياة موقوته على قدر وقتها، وعلى قدر حجمها.
والذين يقولون بأنه لابد من وجود بشر نسميه مخَلِّصا. ليفدي العالم بصلبه أو بغير ذلك من الخطيئة التي ارتكبها آدم. نقول له: أنك لم تفهم عن الله شيئا، لأن القصة هي هنا خطأ قد حدث وصُوب. وفرق بين الخطأ والخطيئة. فالخطأ يصوب. ولكن الخطيئة يعاقب عليها.
وآدم أخطأ وصوب الله له. وتلقى من ربه كلمات فتاب عليه. إذن لا توجد خطيئة بعد أن علمه الله التوبة وتاب إلى الله. ثم ماذا فعل آدم. حتى نقول نخلص العالم من خطيئة آدم. إنه أكل من الشجرة. وهل خطايا العالم كلها أكل؟!
من الذين أوجد القتل وسفك الدماء، والزنا والاغتصاب والنميمة والغيبة؟
لو أن كلامهم صحيح لكان لابد ألا توجد خطيئة على الأرض مادام قد وجد المخلِّص الذي فدى العالم من الخطيئة. ولكن الخطيئة باقية. ومن الذي قال أن الخطيئة تورث. حتى يرث العالم كله خطيئة آدم؟!. والله سبحانه وتعالى يقول: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}.
وقول الحق سبحانه وتعالى: {وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} العداوة هنا بين الشيطان والإنسان.
والعداوة أيضا بين شياطين الإنس والمؤمنين، هذه العداوة التي تؤدي بنا إلى نشاط وتنبه. فالمستشرقون يعادون الإسلام. ولكن معاداتهم هذه تعطينا نشاطا لكي نبحث ونطلع حتى نرد عليهم. وجنود الشيطان من الإنس يعادون المؤمنين. وعداواتهم هذه تعطينا مناعة ألا نخطئ ولا نغفل. فأنت مادام لك عدو.. فحاول أن تتفوق عليه بكل السبل.
ولعل الحضارة الإنسانية لا ترتقي بسرعة قدر ارتقائها وقت الحروب. ففيها يحاول كل خصم أن يتغلب على خصمه. وتجند كل القوى للتفوق علميا على الدول الأخرى. هذه الارتقاءات والاختراعات. قد تكون للتدمير والقتل. ولكن بعد أن تنتهي الحرب توجه إلى ارتقاءات الإنسان في الأرض. فتفتيت الذرة وصلوا إليه في الحروب. والصواريخ التي وصل الإنسان بها إلى القمر كانت نتيجة حرب، والارتقاءات العلمية المختلفة التي تمت في أمريكا والاتحاد السوفيتي كان أساسها عداء كل معسكر للآخر.
وقوله تعالى: {اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ}. الهبوط قد يكون من مكان أعلى إلى مكان أسفل. وقد يكون لهبوط معنويا. بأن تقول هذا الإنسان هبط في نظري منذ فعل كذا. هو لم يهبط من مكان أعلى إلى مكان أسفل.
ولكنه هبط في قيمته. والمسافات لا تعني قربا أو بعدا. فقد يكون إنسان يجلس إلى جوارك وأنت بعيد عنه لا تحس به. وقد يكون هناك إنسان بعيد عنك بمئات الأميال ولكنه قريب إلى قلبك أكثر من ذلك الجالس إلى جوارك. وسواء كان الهبوط ماديا أو معنويا. فإنه حدث ليباشر آدم مهمته على الأرض.. والعداوة بين الإيمان والكفر مستمرة.
وهكذا بعد معصية آدم. هبط هو وحواء من الجنة ليمارسا حياتهما على الأرض.. وقوله تعالى: {اهبطوا} معناه أن آدم وحواء وإبليس هبطوا إلى الأرض بعد أن تمت التجربة الإيمانية.
لقد بين الله تعالى لآدم عمليا أن إبليس عدو له. لا يريد له الخير. وأنه كاذب في كل ما يعد به الإنسان. وقد حدد الله الحياة الدنيا بأنها حياة موقوتة. قدراتها محدودة. ومتاعها محدود.. في قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ}.
أي لا أحد سيبقى في الأرض إلا بمقدار ما قدر الله له من عمر ثم يموت. وبهذا حذر الله آدم وذريته من أن يتخذوا من الحياة هدفًا لأن متاعها قليل، وأمدها قصير. اهـ.

.التفسير المأثور:

قال السيوطي:
{فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (36)}.
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {فأزلهما} قال: فأغواهما.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عاصم بن بهدلة {فأزلهما} فنحاهما.
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن الأعمش قال: في قراءتنا في البقرة مكان {فأزلهما} فوسوس.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن مسعود وناس من الصحابة قالوا: لما قال الله لآدم {اسكن أنت وزوجك الجنة} أراد إبليس أن يدخل عليهما الجنة فأتى الحية، وهي دابة لها أربع قوائم كأنها البعير، وهي كأحسن الدواب فكلمها أن تدخله في فمها حتى تدخل به إلى آدم، فادخلته في فمها فمرت الحية على الخزنة، فدخلت ولا يعلمون لما أراد الله من الأمر، فكلمه من فمها فلم يبال بكلامه، فخرج إليه فقال: {يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى} وحلف لهما بالله {إني لكما لمن الناصحين} فأبى آدم أن يأكل منها، فقعدت حواء فأكلت ثم قالت: يا آدم كل فإني قد أكلت فلم يضر بي. فلما أكل {بدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة}.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن ابن عباس قال: إن عدوّ الله إبليس عرض نفسه على دواب الأرض أنها تحمله حتى يدخل الجنة معها ويكلم آدم. فكل الدواب أبى ذلك عليه حتى كلم الحية فقال لها: أمنعك من ابن آدم فإنك في ذمتي إن أدخلتني الجنة، فحملته بين نابين حتى دخلت به، فكلمه من فيها وكانت كاسية تمشي على أربع قوائم فاعراها الله، وجعلها تمشي على بطنها. يقول ابن عباس: فاقتلوها حيث وجدتموها، اخفروا ذمة عدوّ الله فيها.
وأخرج سفيان بن عيينة وعبد الرزاق وابن المنذر وابن عساكر في تاريخه عن ابن عباس قال: كانت الشجرة التي نهى الله عنها آدم وزوجته السنبلة، فلما أكلا منها بدت لهما سوآتهما. وكان الذي دارى عنهما من سوآتهما أظفارهما {وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة} [الاعراف: 22] ورق التين يلزقان بعضه إلى بعض، فانطلق آدم موليًا في الجنة، فأخذت برأسه شجرة من شجر الجنة، فناداه ربه: يا آدم تفر؟ قال: لا، ولكني استحيتك يا رب قال: أما كان لك فيما منحتك من الجنة وأبحتك منها مندوحة عما حرمت عليك؟ قال: بلى يا رب ولكن وعزتك ما حسبت أن أحدًا يحلف بك كاذبًا قال: فبعزتي لأهبطنك إلى الأرض، ثم لا تنال العيش إلا كدا. فاهبطا من الجنة وكانا يأكلان منها رغدًا، فاهبط إلى غير رغد من طعام ولا شراب، فعلم صنعة الحديد، وأمر بالحرث فحرث وزرع، ثم سقى حتى إذا بلغ حصد، ثم درسه، ثم ذراه، ثم طحنه، ثم عجنه، ثم خبزه، ثم أكله، فلم يبلغه حتى بلغ منه ما شاء الله أن يبلغ، وكان آدم حين أهبط من الجنة بكى بكاء لم يبكه أحد، فلو وضع بكاء داود على خطيئته، وبكاء يعقوب على ابنه، وبكاء ابن آدم على أخيه حين قتله، ثم بكاء أهل الأرض ما عدل ببكاء آدم عليه السلام حين أهبط.
وأخرج ابن عساكر عن عبد العزيز بن عميرة قال: «قال الله لآدم أخرج من جواري وعزتي لا يجاورني في داري من عصاني، يا جبريل أخرجه اخراجًا غير عنيف. فأخذ بيده يخرجه».
وأخرج ابن إسحاق في المبتدأ وابن سعد وأحمد وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا في التوبة وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في البعث والنشور عن أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن آدم كان رجلًا طوالًا كأنه نخلة سحوق ستين ذراعًا، كثير شعر الرأس. فلما ركب الخطيئة بدت له عورته، وكان لا يراها قبل ذلك، فانطلق هاربًا في الجنة، فتعلقت به شجرة فأخذت بناصيته فقال لها: ارسليني قالت: لست بمرسلتك، وناداه ربه: يا آدم أمني تفر؟ قال: يا رب إني استحييتك قال: يا آدم أخرج من جواري فبعزتي لا أساكن من عصاني، ولو خلقت ملء الأرض مثلك خلقًا ثم عصوني لاسكنتهم دار العاصين. قال: أرأيت إن أنا تبت ورجعت أتتوب عليَّ؟ قال: نعم. يا آدم».
وأخرج ابن عساكر من حديث أنس. مثله.
وأخرج ابن منيع وابن أبي الدنيا في كتاب البكاء وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب وابن عساكر عن ابن عباس قال: «قال الله لآدم: يا آدم ما حملك على أن أكلت من الشجرة التي نهيتك عنها؟ قال: يا رب زينته لي حواء قال: فإني عاقبتها بأن لا تحمل إلا كرهًا ولا تضع إلا كرهًا، ودميتها في كل شهر مرتين قال: فرنت حواء عند ذلك فقيل لها: عليك الرنة وعلى بناتك».
وأخرج الدارقطني في الافراد وابن عساكر عن عمر بن الخطاب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله بعث جبريل إلى حواء حين دميت فنادت ربها جاء مني دم لا أعرفه. فناداها لأدمينك وذريتك، ولأجعلنه لك كفارة وطهورًا».
وأخرج البخاري والحاكم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لولا بنو اسرائيل لم يخنز اللحم، ولولا حواء لم تخن أنثى زوجها».
وأخرج البيهقي في الدلائل والخطيب في التاريخ والديلمي في مسند الفردوس وابن عساكر بسندٍ واهٍ عن ابن عمر مرفوعًا «فضلت على آدم بخصلتين: كان شيطاني كافرًا فأعانني الله عليه حتى أسلم، وكان أزواجي عونًا لي. وكان شيطان آدم كافرًا، وزوجته عونًا له على خطيئته».
وأخرج ابن عساكر في حديث أبي هريرة مرفوعًا. مثله.
وأخرج ابن عساكر عن عبد الرحمن بن زيد. أن آدم ذكر محمدًا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن أفضل ما فضل به علي ابني صاحب البعير أن زوجته كانت عونًا له على دينه، وكانت زوجتي عونًا لي على الخطيئة.
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن أبي حاتم والآجري في الشريعة والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «تحاج آدم وموسى فحج آدم موسى، فقال: موسى: أنت آدم الذي أغويت الناس وأخرجتهم من الجنة؟ فقال له آدم: أنت موسى الذي أعطاه الله كل شيء، واصطفاه برسالته؟ قال: نعم. قال: فتلومني على أمر قدر عليّ قبل أن أخلق».
وأخرج عبد بن حميد في مسنده وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «احتج آدم وموسى. فقال موسى: أنت خلقك الله بيده، أسكنك جنته، وأسند لك ملائكته، فأخرجت ذريتك من الجنة، وأشقيتهم؟ فقال آدم: أنت موسى الذي اصطفاك الله بكلامه ورسالاته، تلومني في شيء وجدته قد قدر عليّ قبل أن أخلق؟ فحج آدم موسى».
وأخرج أبو داود والآجري في الشريعة والبيهقي في الأسماء والصفات عن عمر بن الخطاب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن موسى قال يا رب أرنا آدم الذي أخرجنا ونفسه من الجنة؟ فأراه الله آدم فقال: أنت أبونا آدم؟ فقال له آدم: نعم. قال: أنت الذي نفخ الله فيك من روحه، وعلمك الأسماء كلها، وأمر الملائكة فسجدوا لك؟ قال: نعم. فقال: ما حملك على أن أخرجتنا من الجنة؟ فقال له آدم: ومن أنت؟ قال: موسى قال: أنت نبي بني اسرائيل الذي كلمك الله من وراء الحجاب، لم يجعل بينك وبينه رسولًا من خلقه؟ قال: نعم. قال: فما وجدت أن ذلك كان في كتاب الله قبل أن أخلق؟ قال: نعم. قال: فلم تلومني في شيء سبق فيه من الله القضاء قبل؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عند ذلك فحج آدم موسى. فحج آدم موسى».
وأخرج النسائي وأبو يعلي والطبراني والآجري عن جندب البجلي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «احتج آدم وموسى فقال موسى: يا آدم أنت الذي خلقك الله بيده، ونفخ فيه من روحه، وأسجد لك ملائكته، وأسكنك جنته، وفعلت ما فعلت فأخرجت ولدك من الجنة؟ فقال آدم: أنت موسى الذي بعثك الله برسالته، وكلمك، وآتاك التوراة، وقربك نجيا؟ أنا أقدم أم الذكر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فحج آدم موسى».
وأخرج أبو بكر الشافعي في الغيلانيات عن أبي موسى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «احتج آدم وموسى فقال موسى: يا آدم الذي خلقك الله بيده، وأسجد لك ملائكته، عملت الخطيئة التي أخرجتك من الجنة؟ قال آدم: أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالته، وأنزل عليك التوراة، وكلمك تكليمًا، فبكم خطيئتي سبقت خلقي؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فحج آدم موسى».
وأخرج ابن النجار في تاريخه عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «التقى آدم وموسى عليهما السلام فقال له موسى: أنت آدم الذي خلقك الله بيده، وأسجد لك ملائكته، وأدخلك جنته، ثم أخرجتنا منها؟ فقال له آدم: أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالته، وقربك نجيا، وأنزل عليك التوراة، فأسألك بالذي أعطاك ذلك بكم تجده كتب عليّ قبل أن أخلق؟ قال: أجده كتب عليك بالتوراة بألفي عام فحج آدم موسى».
أما قوله تعالى: {وقلنا اهبطوا} الآية.
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدوّ} قال: آدم وحوّاء، وإبليس والحية {ولكم في الأرض مستقر} قال: القبور {ومتاع إلى حين} قال: الحياة.
وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد في قوله: {اهبطوا بعضكم لبعض عدوّ} قال: آدم، والحية والشيطان.
وأخرج أبو الشيخ عن قتادة عن أبي صالح قال: {اهبطو} قال: آدم، وحوّاء، والحية.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال: {اهبطوا} يعني آدم، وحوّاء، وإبليس.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل الحيات؟ فقال: «خلقت هي والإِنسان كل واحد منهما عدوّ لصاحبه. إن رآها أفزعته، وإن لدغته أوجعته. فاقتلها حيث وجدتها».
وأخرج أبو الشيخ عن ابن مسعود في قوله: {ولكم في الأرض مستقر} فوق الأرض، ومستقر تحت الأرض. قال: {ومتاع إلى حين} حتى يصير إلى الجنة، أو إلى النار.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: أهبط آدم إلى أرض يقال لها دجنا، بين مكة والطائف.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر قال: اهبط آدم بالصفا، وحوّاء بالمروة.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس. إن أوّل ما أهبط الله آدم إلى أرض الهند. وفي لفظ بدجناء أرض الهند.
وأخرج ابن جرير والحاكم وصححه والبيهقي في البعث وابن عساكر عن ابن عباس قال: قال علي بن أبي طالب: أطيب ريح الأرض الهند. أهبط بها آدم فعلق ريحها من شجر الجنة.
وأخرج ابن سعد وابن عساكر عن ابن عباس قال: أهبط آدم بالهند وحوّاء بجدة، فجاء في طلبها حتى أتى جمعا، فازدلفت إليه حوّاء. فلذلك سميت المزدلفة واجتمعا بحمع فلذلك سميت جمعا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن رجاء بن أبي سلمة قال: أهبط آدم يديه على ركبتيه مطأطئًا رأسه، وأهبط إبليس مشبكًا بين أصابعه رافعًا رأسه إلى السماء.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن حميد بن هلال قال: إنما كره التخصر في الصلاة لأن إبليس أهبط متخصرًا.
وأخرج الطبراني وأبو نعيم في الحلية وابن عساكر عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نزل آدم عليه السلام بالهند فاستوحش، فنزل جبريل فنادى بالأذان: الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله مرتين، أشهد أن محمدًا رسول الله مرتين. فقال: ومن محمد هذا؟ قال: هذا آخر ولدك من الأنبياء».
وأخرج ابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان وابن المنذر وابن عساكر عن جابر بن عبدالله قال: إن آدم لما أهبط إلى الأرض، هبط بالهند وإن رأسه كان ينال السماء، وإن الأرض شكت إلى ربها ثقل آدم، فوضع الجبار تعالى يده على رأسه، فانحط منه سبعون ذراعًا، وهبط معه بالعجوة، والاترنج، والموز، فلما أهبط قال: رب هذا العبد الذي جعلت بيني وبينه عداوة، إن لم تعني عليه لا أقوى عليه، قال: لا يولد لك ولد إلا وكلت به ملكًا قال: رب زدني قال: أجازي بالسيئة السيئة، وبالحسنة عشر أمثالها إلى ما أزيد قال: رب زدني قال: باب التوبة له مفتوح ما دام الروح في الجسد قال إبليس: يا رب هذا العبد الذي أكرمته إن لم تعني عليه لا أقوى عليه قال: لا يولد له ولد إلا ولد لك ولد قال: يا رب زدني قال: تجري منه مجرى الدم، وتتخذ في صدورهم بيوتًا قال: رب زدني قال: {أجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد} [الإِسراء: 64].
وأخرج ابن سعد عن ابن عباس قال: لما خلق الله آدم كان رأسه يمس السماء، فوطاه الله إلى الأرض حتى صار ستين ذراعًا في سبع أذرع عرضًا.
وأخرج الطبراني عن عبدالله بن عمر قال: لما أهبط الله آدم بأرض الهند ومعه غرس من شجر الجنة فغرسه بها، وكان رأسه في السماء ورجلاه في الأرض، وكان يسمع كلام الملائكة فكان ذلك يهوّن عليه وحدته، فغمز غمزة فتطأطأ إلى سبعين ذراعًا، فأنزل الله إني منزل عليك بيتًا يطاف حوله كما تطوف الملائكة حول عرشي، ويصلي عنده كما تصلي الملائكة حول عرشي. فأقبل نحو البيت، فكان موضع كل قدم قرية، وما بين قدميه مفازة، حتى قدم مكة فدخل من باب الصفا، وطاف بالبيت، وصلّى عنده، ثم خرج إلى الشام فمات بها.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن مجاهد قال: لما أهبط آدم إلى الأرض فزعت الوحوش ومن في الأرض من طوله، فأطر منه سبعون ذراعًا.
وأخرج ابن جرير في تاريخه والبيهقي في شعب الإِيمان وابن عساكر عن ابن عباس قال: إن آدم حين خرج من الجنة كان لا يمر بشيء إلا عنت به فقيل للملائكة: دعوه فليتزوّد منها ما شاء. فنزل حين نزل بالهند، ولقد حج منها أربعين حجة على رجليه.
وأخرج سعيد بن منصور عن عطاء بن أبي رباح قال: هبط آدم بأرض الهند ومعه أعواد أربعة من أعواد الجنة، وهي هذه التي تتطيب بها الناس، وأنه حج هذا البيت على بقرة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس قال: أخرج آدم من الجنة للساعة التاسعة أو العاشرة، فأخرج معه غصنًا من شجر الجنة على رأسه تاج من شجر الجنة.
وأخرج ابن أبي حاتم وابن عساكر عن الحسن قال: أهبط آدم بالهند، وهبطت حوّاء بجدة، وهبط إبليس بدست بيسان من البصرة على أميال، وهبطت الحية باصبهان.
وأخرج ابن جرير في تاريخه عن ابن عمر قال: إن الله أوحى إلى آدم وهو ببلاد الهند أن حج هذا البيت فحج، فكان كلما وضع قدمه صار قرية، وما بين خطوتيه مفازة، حتى انتهى إلى البيت، فطاف به، وقضى المناسك كلها، ثم أراد الرجوع، فمضى حتى إذا كان بالمازمين تلقته الملائكة فقالت: برَّ حجك يا آدم، فدخله من ذلك... فلما رأت ذلك الملائكة منه قالت: يا آدم إنا قد حججنا هذا قبلك قبل أن تخلق بألفي سنة. فتقاصرت إليه نفسه.
وأخرج الشافعي في الأم والبيهقي في الدلائل والأصبهاني في الترغيب عن محمد بن كعب القرظي قال: حج آدم عليه السلام، فلقيته الملائكة فقالوا: برَّ نُسكك يا آدم لقد حججنا قبلك بألفي عام.
وأخرج الخطيب في التاريخ بسند فيه من لا يعرف عن يحيى بن أكثم أنه قال في مجلس الواثق: من حلق رأس آدم حين حج؟ فتعايا الفقهاء عن الجواب فقال الواثق: أنا أحضر من ينبئكم بالخبر، فبعث إلى علي بن محمد بن جعفر بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب فسأله...؛ فقال: حدثني أبي عن جدي عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أمر جبريل أن ينزل بياقوتة من الجنة فهبط بها، فمسح بها رأس آدم، فتناثر الشعر منه، فحيث بلغ نورها صار حرمًا».
وأخرج البزار وابن أبي حاتم والطبراني عن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله لما أخرج آدم من الجنة زوّده من ثمار الجنة، وعلمه صنعة كل شيء. فثماركم من ثمار الجنة غير أن هذه تتغير وتلك لا تتغير».
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في البعث عن أبي موسى الأشعري موقوفًا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: أهبط آدم بثلاثين صنفًا من فاكهة الجنة، منها ما يؤكل داخله وخارجه، ومنا ما يؤكل داخله ويطرح خارجه، ومنها ما يؤكل خارجه ويطرح داخله.
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب البكاء عن علي بن أبي طلحة قال: أول شيء أكله آدم حين أهبط إلى الأرض الكمثرى، وإنه لما أراد أن يتغوّط أخذه من ذلك كما يأخذ المرأة عند الولادة، فذهب شرقًا وغربًا لا يدري كيف يصنع! حتى نزل إليه جبريل فأقعى آدم، فخرج ذلك منه، فلما وجد ريحه مكث يبكي سبعين سنة.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: ثلاثة أشياء أنزلت مع آدم: السندان، والكلبتان، والمطرقة.
وأخرج ابن عدي وابن عساكر في التاريخ بسند ضعيف عن سلمان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن آدم أهبط إلى الأرض ومعه السندان، والكلبتان، والمطرقة، واهبطت حواء بجدة».
وأخرج ابن عساكر من طريق جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله لما خلق الدنيا لم يخلق فيها ذهبًا ولا فضة، فلما أن أهبط آدم وحواء أنزل معهما ذهبًا وفضة، فسلكه ينابيع في الأرض منفعة لأولادهما من بعدهما، وجعل ذلك صداق آدم لحواء. فلا ينبغي لأحد أن يتزوّج إلا بصداق».
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال: لما أهبط الله آدم أهبطه بأشياء ثمانية: أزواج من الإِبل، والبقر، والضأن، والمعز، وأهبطه بباسنة فيها بذر، وتعريشة عنبة، وريحانة، والباسنة: قيل: إنها آلات الصناع، وقيل هي سكة الحرث وليس بعربي محض.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن السري بن يحيى قال: اهبط آدم من الجنة ومعه البذور، فوضع إبليس عليها يده، فما أصاب يده ذهبت منفعته.
وأخرج ابن عساكر بسند ضعيف عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هبط آدم وحواء عريانين جميعًا، عليهما ورق الجنة، فأصابه الحر حتى قَعَدَ يبكي ويقول لها: يا حواء قد آذاني الحر، فجاءه جبريل بقطن، وأمرها أن تغزل وعلمها، وعلم آدم وأمر آدم بالحياكة وعلمه، وكان لم يجامع امرأته في الجنة حتى هبط منها، وكان كل منهما ينام على حدة حتى جاءه جبريل فأمره أن يأتي أهله وعلمه كيف يأتيها، فلما أتاها جاءه جبريل فقال: كيف وجدت امرأتك؟ قال: صالحة».
وأخرج الديلمي في مسند الفردوس عن أنس مرفوعًا «أول من حاك آدم عليه السلام».
وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس قال: كان آدم عليه السلام حراثًا، وكان إدريس خياطًا، وكان نوح نجارًا، وكان هود تاجرًا، وكان إبراهيم راعيًا، وكان داود زرادًا، وكان سليمان خوّاصًا، وكان موسى أجيرًا، وكان عيسى سياحًا، وكان محمد صلى الله عليه وسلم شجاعًا جعل رزقه تحت رمحه.
وأخرج الحاكم عن ابن عباس أنه قال لرجل عنده: أدن مني أحدثك عن الأنبياء المذكورين في كتاب الله. أحدثك عن آدم كان حراثًا، وعن نوح كان نجارًا، وعن إدريس كان خياطًا، وعن داود كان زرادًا، وعن موسى كان راعيًا، وعن إبراهيم كان زراعًا عظيم الضيافة، وعن شعيب كان راعيًا، وعن لوط كان زراعًا، وعن صالح كان تاجرًا، وعن سليمان كان ولي الملك، ويصوم من السهر ستّة أيام في أوله، وثلاثة في وسطه، وثلاثة في آخره، وكان له تسعمائة سرية، وثلاثمائة مهرية، وأحدثك عن ابن العذراء البتول عيسى. إنه كان لا يخبئ شيئًا لغد، ويقول: الذي غداني سوف يعشيني والذي غشاني سوف يغدّيني، يعبد الله ليلته كلها، وهو بالنهار يسبح ويصوم الدهر ويقوم الليل كله.
وأخرج أبو الشيخ والبيهقي وابن عساكر عن ابن عباس قال: نزل آدم بالحجر الأسود من الجنة يمسح به دموعه، ولم ترق دموع آدم من حين خرج من الجنة حتى رجع إليها.
وأخرج أبو الشيخ عن جابر بن عبدالله قال: إن آدم لما أهبط إلى الأرض شكا إلى ربه الوحشة، فأوحى الله إليه: أن انظر بحيال بيتي الذي رأيت ملائكتي يطوفون به، فاتخذ بيتًا فطف به كما رأيت ملائكتي يطوفون به. فكان ما بين يديه مفاوز، وما بين قدميه الأنهار والعيون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال: نزل آدم بالهند، فنبتت شجرة الطيب.
وأخرج ابن سعد عن ابن عباس قال: خرج آدم من الجنة بين الصلاتين: صلاه الظهر: وصلاة العصر، فأنزل إلى الأرض. وكان مكثه في الجنة نصف يوم من أيام الآخرة، وهو خمسمائة سنة من يوم كان مقداره اثنتي عشرة ساعة، واليوم ألف سنة مما يعد أهل الدنيا. فأهبط آدم على جبل بالهند يقال له نود، وأُهْبِطَت حواء بجدة، فنزل آدم معه ريح الجنة، فعلق بشجرها وأوديتها، فامتلأ ما هنالك طيبًا، ثم يؤتى بالطيب من ريح آدم وقالوا: أنزل عليه من طيب الجنة أيضًا، وأنزل معه الحجر الأسود، وكان أشد بياضًا من الثلج، وعصا موسى وكانت من آس الجنة. طولها عشرة أذرع على طول موسى. ومر ولبان. ثم أنزل عليه بعد السندان، والكلبة، والمطرقتان، فنظر آدم حين أهبط على الجبل إلى قضيب من حديد نابت على الجبل فقال: هذا من هذا! فجعل يكسر أشجارًا قد عتقت ويبست بالمطرقة، ثم أوقد على ذلك القضيب حتى ذاب، فكان أول شيء ضرب منه مدية، فكان يعمل بها، ثم ضرب التنور وهو الذي ورثه نوح، وهو الذي فار بالهند بالعذاب.
فلما حج آدم عليه السلام وضع الحجر الأسود على أبي قبيس، فكان يضيء لأهل مكة في ليالي الظلم كما يضيء القمر، فلما كان قبيل الإِسلام بأربع سنين، وقد كان الحيض والجنب يعمدون إليه يمسحونه فاسود، فأنزلته قريش من أبي قبيس، وحج آدم من الهند أربعين حجة إلى مكة على رجليه.
وكان آدم حين اهبط يمسح رأسه السماء، فمن ثم صلع وأورث ولده الصلع، ونفرت من طوله دواب البر فصارت وحشًا يومئذ، وكان آدم وهو على ذلك الجبل قائمًا يسمع أصوات الملائكة، ويجد ريح الجنة. فهبط من طوله ذلك إلى ستين ذراعًا، فكان ذلك طوله حتى مات، ولم يجمع حسن آدم لأحد من ولده إلا ليوسف عليه السلام، وأنشأ آدم يقول: رب كنت جارك في دارك ليس لي رب غيرك ولا رقيب دونك، آكل فيها رغدًا وأسكن حيث أحببت، فأهبطتني إلى هذا الجبل المقدس، فكنت أسمع أصوات الملائكة، وأراهم كيف يحفون بعرشك، وأجد ريح الجنة وطيبها، ثم أهبطتني إلى الأرض وحططتني إلى ستين ذراعًا، فقد انقطع عني الصوت والنظر، وذهب عني ريح الجنة فأجابه الله تبارك وتعالى: لمعصيتك يا آدم فعلت ذلك بك فلما رأى عري آدم وحواء أمره أن يذبح كبشًا من الضأن من الثمانية الأزواج التي أنزل الله من الجنة، فأخذ آدم كبشًا وذبحه، ثم أخذ صوفه فغزلته حواء ونسجته هو، فنسج آدم جبة لنفسه، وجعل لحواء درعًا وخمارًا فلبساه، وقد كانا اجتمعا بجمع فسميت جمعًا وتعارفا بعرفة فسميت عرفة وبكيا عل ما فاتهما مائة سنة، ولم يأكلا ولم يشربا أربعين يومًا، ثم أكلا وشربا وهما يومئذ على نود الجبل الذي أهبط عليه آدم، ولم يقرب حواء مائة سنة.
وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس. أن آدم كان لغته في الجنة العربية، فلما عصى سلبه الله العربية وتكلم بالسريانية، فلما تاب رد عليه العربية.
وأخرج أبو نعيم وابن عساكر عن مجاهد قال: أوحى الله إلى الملكين: أخرجا آدم وحواء من جواري فإنهما عصياني، فالتفت آدم إلى حواء باكيًا وقال: استعدي للخروج من جوار الله هذا أول شؤم المعصية، فنزع جبريل التاج عن رأسه، وحل ميكائيل الاكليل عن جبينه، وتعلق به غصن، فظن آدم أنه قد عوجل بالعقوبة، فنكس رأسه يقول: العفو العفو فقال الله: فرارًا مني؟ فقال: بل حياء منك يا سيدي.
وأخرج إسحاق بن بشر وابن عساكر عن عطاء. أن آدم لما أهبط من الجنة خر في موضع البيت ساجدًا، فمكث أربعين سنة لا يرفع رأسه.
وأخرج ابن عساكر عن قتادة قال: لما أهبط الله آدم إلى الأرض قيل له: لن تأكل الخبز بالزيت حتى تعمل عملًا مثل الموت.
وأخرج ابن عساكر عن عبد الملك بن عمير قال: لما أهبط آدم وإبليس، ناح إبليس حتى بكى آدم، ثم حدا ثم ضحك.
وأخرج ابن عساكر عن الحسن قال بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن آدم قبل أن يصيب الذنب كان أجله بين عينيه وأمله خلفه، فلما أصاب الذنب جعل الله أمله بين عينيه وأجله خلفه، فلا يزال يؤمل حتى يموت».
وأخرج وكيع وأحمد في الزهد عن الحسن قال: كان آدم قبل أن يصيب الخطيئة أجله بين عينيه وأمله وراء ظهره، فلما أصاب الخطيئة حوّل أمله بين عينيه وأجله وراء ظهره.
وأخرج ابن عساكر عن الحسن قال: كان عقل آدم مثل عقل جميع ولده.
وأخرج ابن عساكر عن الحسن. أن آدم لما أهبط إلى الأرض تحرك بطنه فأخذه لذلك غم، فجعل لا يدري كيف يصنع، فأوحى الله إليه: أن اقعد فقعد، فلما قضى حاجته فوجد الريح جزع وبكى وعض على أصبعه، فلم يزل يعض عليها ألف عام.
وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس قال: بكى آدم حين هبط من الجنة بكاء لم يبكه أحد، فلو أن بكاء جميع بني آدم مع بكاء داود على خطيئته ما عدل بكاء آدم حين أخرج من الجنة، ومكث أربعين سنة لا يرفع رأسه إلى السماء.
وأخرج الطبراني في الأوسط وابن عدي في الكامل والبيهقي في شعب الإِيمان والخطيب وابن عساكر معًا في التاريخ عن بريدة يرفعه قال: لو أن بكاء داود وبكاء جميع أهل الأرض يعدل بكاء آدم ما عدله. ولفظ البيهقي: لو وزن دموع آدم بجميع دموع ولده لرجحت دموعه على جميع دموع ولده.
وأخرج ابن سعد عن الحسن قال: بكى آدم على الجنة ثلاثمائة سنة.
وأخرج ابن عساكر عن مجاهد قال: إن الله لما أهبط آدم وحواء قال: اهبطوا إلى الأرض، فلدوا للموت، وابنوا للخراب.
وأخرج ابن المبارك في الزهد عن مجاهد قال: لما أهبط آدم إلى الأرض قال له ربه عز وجل ابن للخراب، ولد للفناء.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن سعيد بن جبير قال: لما أهبط آدم إلى الأرض كان فيها نسر، وحوت في البحر، ولم يكن في الأرض غيرهما، فلما رأى النسر آدم وكان يأوي إلى الحوت ويبيت عنده كل ليلة قال: يا حوت لقد أهبط اليوم إلى الأرض شيء يمشي على رجليه ويبطش بيده فقال له الحوت: لئن كنت صادقًا ما لي في البحر منه منجى ولا لك في البر. اهـ.